هل فشل الهجوم على تكريت ولماذا ؟
منذ بدء هجوم القوات العراقية على مدينة تكريت لاستعادتها من قبضة داعش وبعد تحرير عدة بلدات وقرى واقعة على طريق تكريت، برز حديث متنامي عن دور قائد قوة القدس في الحرس الثوري الايراني الجنرال قاسم سليماني في قيادة هذه العملية العسكرية وفق خطة عسكرية استراتيجية الزمت الحكومة العراقية بقبول مساندة ميليشيات ما يسمى بالحشد الشعبي وبعض عشائر المنطقة.
وقد افضت وسائل الاعلام وفاضها بالحديث عن بطولات قاسم سليماني وحنكته العسكرية واكد اكثر من مصدر حكومي مسؤول في العراق وايران ان القوات المهاجمة بقيادته ستحرر تكريت في غضون ايام وهذا الكلام من اسابيع انما الى الان لا تزال تكريت تحت قبضة داعش ! فهل فشل الهجوم ولماذا؟
يبدو ان ايران ارادت ان تظهر بمظهر المسيطر ميدانيا على ارض العراق في رسالة الى الولايات المتحدة اعتقادا منها ان سيطرتها على العراق عسكريا وسياسيا يحسن من شروطها في المفاوضات النووية الجارية بينها وبين الدول الغربية.
الا ان مجريات المعركة في تكريت لم تجر كما خططت ايران وتوقعت، واثبت تنظيم داعش (وبشكل يثير ايضا التساؤلات) انه قادر على افشال الهجوم والتصدي له وتحويل المعركة الى صالحه باحكام سيطرته على المدينة.
فما هو خطأ ايران والحكومة العراقية معا ؟
لم يخفي الاميركان وحلفائهم من الدول الغربية والعربية قلقهم من اتساع الدور العسكري الايراني وتعويم ميليشيات الحشد الشعبي (الشيعية) مبررين هذا القلق الى ان هذه الاستراتيجية العسكرية ستؤجج الصراع المذهبي في العراق ولن تمكن الجيش العراقي من السيطرة على الامور.
وكانت هذه الميليشيات قد رفضت اي تدخل عسكري لقوات التحالف وبالاخص القوات الاميركية، الامر الذي حذا بالحكومة العراقية بعد فشل تحرير تكريت اقناع قيادات الفصائل الشيعية المنضوية في الحشد الشعبي بعدم تبني وجهة نظر استراتيجية ايران لانها استراتيجية اعدت فقط لاظهار التفوق الايراني على الولايات المتحدة في المنطقة. ويبدو ان المعنيين اقتنعوا وخففوا من لهجتهم الحادة في رفض استشارة الولايات المتحدة العسكرية ودعم رئيس وزراء العراق في قمته مع الرئيس اوباما في ابريل المقبل. وقد انعكس هذا التحول باشارة ايجابية من الادارة الاميركية انها مستعدة لتقديم المساعدة اللازمة فور استلام طلبا رسميا بهذا الشأن من حكومة العراق.
ما يهم في الموضوع ان حكام وقيادات دول منطقة الشرق الاوسط ما زالت تعيش اوهام التوسع الامبراطوري القديم ولا نعني بهذا الكلام ايران وحدها بل ايضا تركيا ودول شبه الجزيرة العربية وهم جميعهم ضد داعش لانه يحلم بنفس الحلم الوهم ! فلماذا يحاربون الخطأ بالخطأ ؟
من الغريب العجيب اننا في عصر التكنولوجيا والتقدم العلمي الذي اوصل الانسان لاكتشاف معالم الفضاء والكون ما زلنا نحاول عبثا اعادة الصراعات المذهبية والطائفية والفتن الصغرى والكبرى التي جرت في الازمنة الغابرة وحصدت ما حصدته من ابرياء دون وصول الى نتيجة غير التشرذم والنقسام والتفكك وتقوية الاخرين علينا !
الموسم