فخر الدين
عندما تذكر الاعمال الخالدة، لا بد أن نأتي على ذكر العمل القيم الذي تجّلت به عظمة الراحبنة وأعني به مسرحية فخر الدين.
لست بوارد تقييم هذا العمل الجبار فنيا، فغيري أجدر بذلك، ولكن في تلك المسرحية مواقف تاريخية تبين بوضوح تام إيمان اللبناني بوطنه ورسوخ مجده وخلود اسمه ونقاء تاريخه.
أريد هنا فقط أن اختصر كل هذا العمل وأقف عند جملتين:
الجملة الاولى قالها الأمير فخر الدين، والجملة الثانية قالتها فتاة لبنان الوفية، عطر الليل.
فعندما احتكم خصمان شقيقان الى الأمير، سأله أحد وزرائه، قبل أن يدخل عليه الخصمان: من برأيك سيكون معه الحق؟ فقال له الأمير: كل واحد بيحكي القصة على أساس انو معو حق.
وعندما أراد أن يحكم بينهما، اختار أن يحكم بالمحبة لا أن يحكم بالعدل، لأنه أيقن أنه لا يمكن أن يعدل بين الأخوة.
وعندما أهدت عطر الليل السيف الى الأمير قالت له:
قاطع مثل العدل، محني متل التواضع، وبحدّو الفاصل بتخلّص لبنان.
جملتين، اختصر بهما الرحابنة كل الجمال وكل الحكمة.
فأين منّا مثل هذا الحاكم، وأين يوجد مثل هذا السيف، كي يجنّب البلاد البلاء، فهو السيف الوحيد الذي يقطر بدل الدم وردا ونرجسا، ويعبق منه أريج المحبة وتفوح منه رائحة السلام.
سامي الشرقاوي