top of page

لماذا يفلح تنظيم داعش بتجنيد الاطفال التي يسيطر عليها ومحاولته تسويق هذا التجنيد في مناطق اخرى بعيدة عن سيطرته وذلك بنشر افلام لعمليات التجنيد التي قد تغري المزيد من الاطفال للانتساب لهذا التنظيم؟

الجواب على هذا السؤال هو جواب مركّب وهو بالقطع ليس لان التنظيم هو حالة جاذبة تغري الاطفال بل على العكس بل لان هذا التنظيم هو بالاساس حالة اجرامية تنص عقيدتها على قتل كل من لا ينفّذ الاوامر حتى ولو كانوا اطفالا لا يتجاوزون الثامنة من العمر.

انما القضية لا تتعلق بالتنظيم بل بموجد هذا التظيم وبالذي ساعد على وجوده والذي خطط لوجوده والذي شارك لوجوده وبالاسباب السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي ادت الى وجوده.

فكيف ذلك وما هي تلك الاسباب؟

نحن في بلادنا العربية بكل طوائفنا ومذاهبنا المختلفة، لا نستطيع ان نطبّق برنامجا تربويا واحدا اساسه النظام الاجتماعي السليم الناقي الخالي من اية بنود طائفية او مذهبية.

ولا يُسمح لنا باعداد برامج اقتصادية او مالية الا من ضمن شروط مسبقة يضعها لنا النظام الاقتصادي العالمي.

 

لهذه الاسباب تتكاثر داعش فهل تلغوها

فمفروض علينا ان نعيش حالات سياسية وامنية واقتصادية مقلقة.

ولا يُسمح لنا بالانتساب للجامعات الا بالوساطات وفقط اذا توفرّت الامكانيات المادية لذلك.

ولا نستطيع نيل وظيفة لائقة بالكفائة.

ويجب ان يعيش الكثيرون منا تحت خط الفقر لا يستطيعون تأمين لقمة عيش كريمة ولا ملابس لائقة لاولادهم.

 

كل هذه الاسباب وغيرها قد تغري الاطفال والشباب للانضمام لاي تنظيم شيطاني يساعدهم على تامين ما يعتاشون به وفي نفس الوقت يعبرون عن نقمتهم على بلادهم التي اوصلتهم لهذا الوضع البائس!

انما الانظمة في البلاد العربية ليست وحدها المسؤولة عن هذا الوضع، فالمخطط قائم منذ بدأت لعبة الامم بعد الحرب العالمية الثانية ووضعت النظام العالمي الجديد وايضا وضعت اليد على بلادنا.

فالاستعمار خلق الحالة المناسبة لتفشي الفقر والامية والجهل ولم يهبنا استقلالنا الا بعد التأكد ان هذه الحالات ستستمر وتنمو الى ان تصل الى ما وصلنا عليه الآن.

قطعا الحل ليس باقامة نظام مكان نظام خصوصا اذا كان نظاما دينيا مذهبيا اذ لا يمكن لدين او مذهب في هذا العصر ان يحكم الوطن سياسيا.

فقد جرّبت الكنيسة ذلك (في العصر السابق الذي لم يكن بنفس التطور للعصر الحالي بل بداية له) في القارة الاوروبية وفشلت فشلا ذريعا وراح ضحية تلك التجربة ملايين المسيحيين الابرياء.

واسرائيل التي استغلّت الرسالة الدينية للتحكّم بالارض بنت عروشا واهية وهياكل ضاعت في زوايا التاريخ. ومهما طغت وتجبّرت لن تستطيع ان تحقق الامان الذي تتوخّاه. لانها وبكل بساطة تتسلح بالايمان المزيّف.

نفس ذلك الايمان المزيّف تريد اسرائيل ومعها الامم العرابة المشاركة في هذه اللعبة الدنيءة ان تصدّره للامة العربية بكل طوائفها واعراقها على السواء.

ويساعدها في هذا البرنامج الممنهج اجهزة المخابرات العالمية جميعها دون استثناء. من الولايات المتحدة الاميركية الى جنوب افريقيا والصين وروسيا.

الحل هو بمعالجة الاسباب التي ادت الى ما نحن عليه اليوم.

 

فلن يستطيع الاسلام السياسي ان يحررنا من كل تلك القيود ويضع برنامجا وطنيا ينتشل الشعوب من حالة الفقر والعوز ويعيد الاستقرار السياسي والاجتماعي والامني بشكل عادل متساوي وسليم؟

الحل هو بتغيير فكر الانظمة الحالية لأن تغيير الانظمة لن يتم بين ليلة وضحاها يكون خلالها قد توسع التنظيم الشيطاني في البلاد وزاد من عديده والعتاد.

الحل هو بالابتعاد عن زج الدين بالسياسة لانه انقى واطهر منها.

الحل هو بالاقتناع بأن ما يجري هو تدبير عدائي ضد الامة من صنع اعداء الامة.

والحل هو التفاهم بين الدول العربية على استقرار مبدأي بدون تداخل اجنبي. والعمل على تصحيح البرامج التربوية والعلمية والثقافية ليكون تمهيدا لتحسين الاوضاع السياسية في البلاد ومن ثم تمكينها من بناء مؤسسات امنية وعسكرية تستطيع المحافظة على الامن الداخلي والدفاع وصد اي عدوان خارجي.

والحل هو بتقديم الصندوق المالي العربي مساعداته دون شروط ولا فبركات ولا لتنفيذ سياسات معينة لدعم هذا ونبذ ذاك.

وهنا يأتي السؤال تلقائياً: لماذا تعتمد حكوماتنا على صناديق النقد الدولية والمعونات والهبات الاجنبية وهي تعرف تماما الشروط لذلك وخطورة تلك الشروط؟

ولماذا لا تساعد الصناديق العربية والاسلامية بشكل بنّاء وشفّاف المجتمعات العربية والاسلامية للنهوض من هذه الكبوات السياسية الامنية الاقتصادية الاجتماعية القاتلة؟

فإن حصل ذلك لن يتردد طفل ولا شاب ولا فتاة ولا شخص في بلادنا العربية بمقاتلة هذه التنظيم الشيطاني حتى الادته.

 

سامي الشرقاوي

 

We dig deep in the news to uncover the roots

All Rights Reserved© Al Mawsam

bottom of page