قنال السويس بخط يد عبد الناصر
انفردت صحيفة الاهرام المصرية بنشر وثائق مكتوبة بخط يد الزعيم الراحل عبد الناصر عن تأميم قنال السويس تظهر كيف ولماذا اختار هذا القرار التاريخي، معلنة انها مهداة من ابنته هدى عبد الناصر..
وتقارن الصحيفة ما فعله عبد الناصر عام 1956 وما يفعله الرئيس عبد الفتاح السيسي اليوم بشق قنال ثانية في مدينة السويس تزيد من مدخول مصر القومي كما فعل تأميم القنال القديمة، لتظهر تطابق الرؤيا بين الاثنين والسعي الى تحسين الاقتصاد المصري لتستقل مصر عن المديونية العالمية التي لا تعطي الا لتستنزف.
هذه الملاحظات المكتوبة بخط اليد تظهر مدى حرص الزعيم الراحل على اتمام هذا العمل الهام وكيف يتفاعل مع نجاحه وكيف يسبح بافكاره عن نتائجه.
د كتب عبد الناصر بخط يده هذه الملاحظات:
1 - إن المدة اللازمة لبناء السد 9 سنوات، وابتداء من السنة الرابعة تبدأ فوائده المادية، وسيزداد الدخل القومى لمصر حتى نهاية بنائه بما لا يقل عن 350 مليون جنيه سنويا.
2- تكاليف المشروع فى هذه السنوات التسع 600 مليون دولار، وتكاليف المرحلة الثانية 150 مليون دولار.
3- عارضت مصر الولايات المتحدة وانجلترا فى إنشاء لجنة دولية للإشراف على مياه النيل.
4- عدم صحة ما يتم الترويج له حول آثار السد على السودان والحبشة وإثيوبيا
وقد خاطب عبد الناصر الشعب فى24 يوليو ، أى بعد سحب تمويل السد بأربعة أيام قائلا: قامت فى واشنطن ضجة تعلن كذبا أن الاقتصاد المصرى يدعو إلى الشك، فإننى أقول لهم: "موتوا بغيظكم.. فلن تستطيعوا أن تتحكموا فينا.. أو تستبدوا بنا"
في 26 يوليو عام 1956 اطلق عبد الناصر صرخته التي دوّت في ارجاء العالم:
"باسم الأمة .. رئيس الجمهورية.. أصدر القانون الآن.. تؤمم الشركة العالمية لقناة السويس البحرية شركة مساهمة مصرية..!"
يقول ناصر:" كان كل شىء معدا سلفا. كان الجنود ينتظرون، ومعهم أوامر مختومة باحتلال مكاتب الشركة ومنشآتها، وكان يونس يعرف أن كلمة السر لبدء العملية أن أذكر أنا كلمة "ديليسبس" فى خطابى.. وما إن فرغت من إلقاء الخطاب حتى كانت العملية كلها قد نفذت، ولم أكن أتصور مدى الفرحة التى تم بها استقبال تأميم القناة، لا من الشعب المصرى وحده، بل فى العالم العربى كله
فى 3 أغسطس 1956 نص البيان الثلاثى الصادر من الدول الثلاث؛ الولايات المتحدة وانجلترا وفرنسا، والذي رفضته مصر، وكان أهم ما فيه رفض الإجراء المصرى بتأميم القناة، والمطالبة بإنشاء نوع من الإدارة تحت إشراف دولى لتأمين العمل فى القناة، كما دعت بريطانيا إلى عقد مؤتمر دولى فى لندن فى 16 أغسطس.
فى احدى الوثائق ملحوظة كتبها باللغة الانجليزية متسائلا عن ما اذا كان الاستعمار والسيكرة والهيمنة هي سياسة. ويبدو انه كان يشير الى التهديد بالعدوان على مصر؟
ثم كتب فى الوثيقة نفسها باللغة العربية:" كيف يمكن إقناع المصريين؟ وكيف يمكن السيطرة عليهم بعد اغتصاب جزء من أرضهم؟ هل هذه سياسة؟ تدويل القناة هل هو سياسة؟ رد فعل التدويل هل هو سياسة؟
ثم عاد ليكتب بالإنجليزية ما معناه:" هذه السياسة داخل مكتب القناة". وفى آخر الوثيقة كتب بالعربية عبارة" البنك الدولى".
وفى وثيقة أخرى نرى خط الرئيس ناصر وهو يكتب بالإنجليزية ما ترجمته: «ما السبب فى هذا الموقف الخطير؟ ماذا حدث؟ إن مصر باشرت حقا من حقوقها كان سيؤول إليها عام 1968 ، ما هو تأثير ذلك على حرية الملاحة؟؟ وهل كانت الشركة مسئولة عن حرية الملاحة؟ ما هو الغرض من خلق هذا الموقف الخطير؟ هل كان هذا سيحدث سنة 1968 عند انتهاء امتياز الشركة؟
بعض الدول تقول إن مصر خرقت (وهنا يكتب الرئيس كلمة خرقت بالإنجليزية b reached ) المعاهدات الدولية..
ثم يكتب بالإنجليزية ما معناه "الوضع الخطير" The grave situation ثم بالعربية: التهديد باستخدام القوة، وبالإنجليزية ما ترجمته " فرض عقوبات اقتصادية" ، ثم بالعربية: " محاولة التأثير على حرية الملاحة بسحب الموظفين".
وكان السؤال الذى كتبه ناصر بخط يده: هل تأثرت حرية الملاحة بالقناة؟ كاشفا المسألة برمتها.. الموضوع ليس القناة.. بل ما وراء القناة. ببساطة ما كانت تمثله الثورة المصرية على مصالح الغرب آنذاك!
وعن الاقتراح بإنشاء إدارة دولية لإدارة القناة كتب عبد الناصر بخط يده فى أعلى إحدى الوثائق عبارة بالإنجليزية ترجمتها: التعاون والثقة الدوليين International Confidence & Cooperation ثم يتساءل الرئيس بالعربية: كيف يمكن تحقيق ذلك إذا كانت مصر كلها تنظر إلى هذا العمل كاستعمار مشترك يمس سيادتها؟
.. ويكتب: هدف وطنى جديد: تحرير القنال من الاستعمار المشترك، ثم ينهى ناصر الوثيقة بإقرار حقيقة ظل يؤمن بها حتى نهاية حياته.. قال: «الشعب المصرى عامل هام فى هذا الوضع لأنه يعيش على ضفتى القناة».
وفي وثيصة اخرى طرح فيها هذه الأسئلة:
ماهى حماية القناة؟
ماهى مسئولية مصر؟
كيف ستحرس هذه اللجنة القناة؟
كيف ستتعامل مع العمال؟
هل هذه بداية أم نهاية المتاعب؟
فى الحرب العالمية ماذا حدث؟
كيف ستعمل اللجنة فى بلد معاد؟
وفى وثيقة أخرى يتساءل الرئيس: ما معنى هذا؟ هل كانت شركة قناة السويس تحقق هذا الغرض؟ كيف تفصل هذا عن مصر؟ من المسئول عن حماية القنال؟ الأهالى فى بور سعيد والإسماعيلية والسويس والعمال.
ونجد وثيقة أخرى حملت عنوان" الخلاصة" كتب فيها الرئيس جملة باللغة العربية تقول: إن النظام المقترح، والظروف التى نقابلها، تبين أن الغرض منه هو .. ثم كتب بالإنجليزية ما معناه: إنهم يستهدفون إجبار مصر على الموافقة على التخلى عن حقوقها وعن سيادتها، وكل مصرى سيعتبر هذا الإجراء استعمارا مشتركا، وسيقاومه حتى يتخلص منه.
ثم تأتى الوثيقة التى كتب فيها ناصر:" مصر ستدافع عن حقوقها وسيادتها، حقوقها فى ملكية القنال، وحقوقها فى إدارة القنال. إن مصر أعلنت أنها تحترم اتفاقية 1888.
.. وبعد ذلك كتب بالإنجليزية عبارات تحمل المعانى نفسها التى كتبها باللغة العربية، ولعل جملة واحدة كتبها توضح لنا حقيقة المسألة بالضبط.. لقد كتب:
International Cooperation not Domination
والتى تعنى: تعاون دولى نعم.. هيمنة دولية لا
بتصرف عن الاهرام





