نصر الله وجدّية "انهاء اللعبة" في لبنان والمنطقة
لا يمكن لمن سمع خطاب السيد حسن نصر الله الاخير الا ان يعترف ان ما دعا اليه زعيم حزب الله من اتحاد حقيقي لمجابهة الارهاب هو ما يتمناه كل مخلص للوطن والدين.
والخطاب فيه الكثير من التحليل المنطقي ونبرته هادئة بالاجمال ومحاولة اكيدة للابتعاد عن الخطاب المذهبي.
انما ما يلفت في الخطاب هو التأكيد بأن الحالة العسكرية في سوريا قد اصبحت شبه منتهية معلنا ان "اللعبة انتهت" وان النظام في سوريا هو الآن جاهز للتفاهم على تسوية وهو بالتأكيد يقصد التفاهم مع المعارضة المعتدلة لان الحرب بحسب خطابه مع المعارضة التكفيرية لا تزال مفتوحة على مصراعيها بدليل انه دعا دول الخليج الى اتحاد قوي يجابه هذه القوة التفكيرية التي هدفها النهائي هو مكة والمدينة وليس سوريا او ليبيا او العراق فقط.
يجوز ان السيد نصر الله قال هذا الكلام بالشأن السوري لان قواته باتت قاب قوسين او ادنى من السيطرة على كامل الجولان السوري والحدود مع فلسطين المحتلة، وهذا يعطيه زخم مزدوج للتكلم عن "انتهاء اللعبة" في سوريا.
انما الحقيقة ان اللعبة لم تنته في سوريا لان المعارضة المعتدلة والتكفيرية ما زالت تحتل اجزاء مهمة من سوريا برغم التقدم اللافت للجيش السوري في الايام الاخيرة.
أما انتقاد السيد حسن بعض الدول (اشارة الى دول الخليج العربي) يفرّق بين داعش والنصرة فيدعو الى قتال الاول ويغدق الاموال على الثاني هي بحد ذاتها مشكلة، لانه يجب ان يتوقع رد مباشر ان التمويل العسكري لحزبه يأتي من ايران.
هذا امر - والامر الثاني هو انه رغم محاولة السيد حسن الابتعاد عن الخطاب المذهبي فان هذه المحاولة تبقى غير عملانية الا اذا استطاع هو وحلفائه الاقليميين ان يقنعوا اخصامه السياسين في لبنان فعلا انه ليس له اية اهداف مذهبية في لبنان ولا في سوريا والعراق. وهذا الكلام ينطبق ايضا وبشدة على اخصامه وحلفائهم الاقليميين، الذين عليهم ان يُقنعوا حزب الله انهم لا يسعون للسيطرة المذهبية لا في لبنان ولا في المنطقة.
المهم في خطاب السيد حسن انه فتح الباب للحديث السياسي الرسمي المباشر الصريح عن سبب ما يجري في المنطقة.
وهو قال ان ما يجري في المنطقة يحدد مصير لبنان. وهذا صحيح لكن ما الذي يجري حقيقة في المنطقة؟
ربما لا يجب ان ندخل في جدل الاجابة على هذا السؤال لان الاجابة قد تكون متشعبة وسيهرب منها معظم الاطراف ان لم يكن كلهم.
لذلك فالاجدر ربما اقتراح ما يجب فعله لوقف ما يجري في المنطقة، وانهاء هذه الحالة التي تقسّم الاوطان العربية كلها وليس فقط لبنان الى مناطق مذهبية.
دعوة السيد حسن دول الخليج الى الاتحاد تعني صراحة اتحاد السنة والشيعة بوجه التكفيرييين.
فإن صح هذا الكلام وهو صحيح، فيجب اذن تمهيد الطريق للوصول الى الاتحاد المنشود، والبدء فورا بازالة اسباب التفرقة والقتال، ان في سوريا او العراق او لبنان او مصر او غزة او اليمن او البحرين.
والبدء الفوري يكون بتوقّف الدول جميعها و"بشكل نهائي" عن التمويل العسكري لكل الاطراف المتقاتلة على الارض.
ثم فضح الدور الغربي والدور الصهيوني في هذه اللعبة القذرة على اراضينا.
ان حصل ذلك بنوايا صافية ستكون اللعبة عندئذ قد انتهت فعلا ليس في سوريا فقط بل في كل الدول العربية.
وسيكون ساعتئذِ مصير لبنان مصيرا مشرقا سعيدا خاليا من القلق السياسي والامني.
سامي الشرقاوي