top of page

ماضي، حاضر ومستقبل مهد الحضارات الحلقة (10)

 

المماليك ونشأة الامبراطورية العثمانية

 

 

 

 

كان لسقوط القدس صدى مدويا في اوروبا، فقرر ملك انجلترا ريتشارد الاول الملقب

بقلب الاسد، قيادة حملة صليبية (ثالثة) فاحتل عكا وقتل فيها اكثر من 3000 مسلم.

وردّ صلاح الدين بقتل كل الفرانكيين الذين كان قد اعتقلهم عند احتلاله للقدس.

تواجه الملكان في معركة "أرصف" حيث استطاع ريتشارد ان يهزم صلاح الدين الا

انه لم يفلح باستعادة القدس.

ومع الوقت نشأت بين صلاح الدين وقلب الاسد علاقة مميزة بنيت على احترام متبادل،

وتطوّرت الى حد ان عرض ريتشارد على صلاح الدين تزويج اخته "جون" ملكة صقلية

من شقيق صلاح الدين وتكون مدينة القدس هدية الزفاف.

لمّا رفضت شقيقة الملك الانكليزي العرض، استطاع الملكان التوصل الى "اتفاق الرملة"

عام 1192 الذي نص على ابقاء القدس بيد المسلمين شريطة فتح المدينة امام حجيج

المسيحيين وتسهيل اقامتهم.

توفي صلاح الدين عام 1193 بعد فترة قصيرة من عودة ريتشارد قلب الاسد الى دياره.

بدأت الحملة الصليبية الرابعة بغزو القسطنطينية عاصمة البيزنطيين واقامة مملكة لاتينية تدين بولائها الى الكنيسة الغربية. الامر الذي ادى الى الانشقاق النهائي بين الكنيستين وشعور الاغريق بمرارة متناهية جرّاء ما اعتبروه خيانة عظمى خصوصا وان الحملة الصليبية الرابعة لم تتوجه مطلقا صوب القدس.

عام 1218 توجه جيش مختلط من المجر والنمسا وهولندا الى فلسطين لتحرير القدس. فتحالف معهم الملك السلجوقي وهاجموا الايوبيين في سوريا.

ثم توجهوا الى مصر واحتلوا ميناء دمياط، الا ان سلطان مصر الكامل اجبرهم على الانسحاب وتوصلّوا جميعهم الى هدنة 8 سنوات.

عام 1248 فشلت حملة الملك الفرنسي لويس الرابع لاحتلال دمياط. بيد ان الامبراطور الروماني فريدريك الثاني نجح بواسطة حيلة ديبلوماسية لسيطرة مؤقتة على مدينة القدس.

تزوج الامبراطور الروماني من ابنة الحاكم الاسمي لمملكة القدس، وابحر الى سوريا ثم قبرص ليتوجه من هناك الى مدينة عكا عاصمة مملكة القدس المقتطعة للمطالبة بعرشها.

ادّعى فريدريك ان حاكم قبرص جون ايبلين هو حاكم غير شرعي وطالبه بتسليم وقفه في بيروت الى مملكة القدس الذي هو ملكها. وانقسمت عكا في تأييدها لفريدريك، فرفض فرسان تامبلار دعمه مباشرة غير انهم ناصروه عندما وافق على عدم مهر اسمه على المستندات التي تحمل اوامر المهمات العسكرية.

عمل فريدريك على استمالة سلطان مصر الكامل، بعدم نقض الحلف الذي وقّعه مع اوروبا اثناء الحملة الصليبية السابقة وفي نفس الوقت كان يشن غارات متواصلة على الايوبيين في سوريا. وتحت بنود معاهدة ثانية لمدة عشرة سنوات اضافية، وافق سلطان مصر الذي كان يعاني من ثورات داخلية ضده، على التنازل عن القدس للفرانكيين. وسيطر فريدريك ايضا على الناصرة وصيدون وحيفا وبيت لحم. واحتفظ المسلمون بالسيطرة على جبل المعبد والمسجد الاقصى وصخرة القبة. وبقيت القلاع في شرق الاردن بأيدي الايوبيين. 

في عام 1244 تقدّم المغول في الشام وفلسطين واخذوا القدس وسلّموها الى المماليك الذين تحالفوا معهم بعدما انهوا العهد الايوبي في مصر. فعادت بذلك القدس الى المسلمين، وكانت اوروبا في تلك الاثناء باستثناء فرنسا مشغولة بصراعات داخلية.

استفرد الملك الفرنسي مستفيدا من الصراعات داخل اوروبا، بشن حملة صليبية اخرى، وحاول النزول في ميناء دمياط المصري، الا ان فيضان مياه نهر النيل منعه من ذلك لفترة ستة اشهر تقريبا.

استطاع الملك الفرنسي بمساعدة فرقة من فرسان تامبلار بمهاجمة مدينة المنصورة، فهزموا عند ابوابها على يدي القائد المملوكي القوي الظاهر بيبرس. افتدى الملك نفسه ورحل الى عكا التي كانت لا تزال واحدة من أقاليم الصليبيين في ارض كنعان.

عام 1267 اقنع شارلز اخاه الملك الفرنسي بخطة انتقام تعيد له هيبته، وتقضي الخطة باحتلال تونس اولا لتسهيل الهجوم على مصر من الجبهة الافريقية.

وصل لويس الى تونس عام 1270 غير ان حظه العاثر لم يخدمه ايضا هناك حيث مات معظم جنوده من حالات تسمم من مياه الشرب الملوثة، ومات هو بسبب التهاب في معدته، فتولى شقيقه بعده الحملة الصليبية وعمد الى التوصل الى مهادنة مع المستنصر سلطان تونس حصل بموجبها على تبادل تجاري حر مع تونس وضمان اقامة الكهنة والرهبان فيها.

عام 1271 توجه الامير الانكليزي ادواردز في حملة صليبية تاسعة لمساندة امير انطاكية وحاكم طرابلس، بمقاومة الظاهر بيبرس الذي احتل انطاكية عام 1268 وصار يهدد دولة طرابلس. 

عقد الامير الانكليزي حلفا مع المغول ضد المسلمين الا ان الظاهر يبرس اوقع بهم هزيمة بالغة اجبرت المغول على التراجع الى ما وراء نهر الفرات. وتوصّل الامير الى اتفاق مع بيبرس الا ان هذا الاخير حاول اغتياله، فاضطر ادواردز الى الهروب الى عكا ومنها عاد الى وطنه.

في تلك الاثناء كان الملك ميشال الثامن يعيد احياء المملكة البيزنطية الامر الذي اغضب البابا مارتن الرابع  وأدّى بالصقليين الى مهاجمة القسطنطينية الا انهم سرعان ما تقهقروا وعادوا ادراجهم.

عام 1289 نجح السلطان قلاوون بتحرير طرابلس من الصليبيين والقضاء على المقاومة المسيحية. ثم توجّه الى عكا فاحتلها وانهى بذلك حصنا صليبيا منيعا.

وانتهت حقبة الحملات الصليبية التي دامت 208 سنوات عندما خسر الصليبيون جزيرة ارواد عام 1303 والتي كانت آخر معقل لهم.

 

عندما اكتشف الرحالة البرتغالي فاسغو دي غاما طريقا ملاحية حول رأس الرجاء الصالح عام 1479، بدأت السفن الحربية البرتغالية تعترض السفن التي تحمل بضائع للحجاج المسلمين من الهند والبلاد الواقعة على البحر الاحمر. الامر الذي جعل السلطان المملوكي الغاوري سلطان مصر بالاتفاق مع الدولة الهندية غوجارات واليمن، على التهديد بتدمير كل مراكز العبادة المسيحية معتبرين ان ما تقوم به السفن البرتغالية تهديدا مباشرا لمكة.

ولكي يحمل البرتغاليون تهديد السلطان على محمل الجد، امر ببناء 50 سفينة حربية، وطلب من العثمانيين الاتراك مساعدته بخبرتهم الملاحية. 

لاحقا اتهم العثمانيون السلطان المصري الذي بدأ يضعف جرّاء حروبه المتواصلة مع البرتغال، بتأمين ممر آمن لاسماعيل الصفوي من سوريا الى البندقية وفتح مصر امام اللاجئين الصفويين.

وفي عام 1517 سقطت كل من مصر وسوريا بيد السلطان العثماني سليم الاول الذي انهى عهد المماليك، غير انه ابقى نخبة منهم ليحكموا مصر تحت سلطانه، وبذلك بقيت مصر دولة تابعة للدولة العثمانية.

أخذ العثمانيون مدينة القسطنطينية من البيزنطيين، وغيّروا اسمها الى اسطنبول عام 1453. وفي نفس العام وافق السلطان محمد الثاني مع البطريرك الارثوذكسي اغناديوس، على ابقاء الكنيسة الارثوذكسية تحت الحكم الذاتي واستملاكها لوقف اراضيها وممتلكاتها مقابل الاعتراف بالسلطة العثمانية عليهم. كانت موافقة الكنيسة الارثوذكسية سريعة بسبب العلاقات المتدهورة مع اوروبا الغربية. وذهب قول احد كبار اساقفتهم مثلا حين قال "طربوش السلطان ولا قبعة الكاردينال".

 

واستطاعت الامبراطورية العثمانية ضم جميع الاراضي التي كانت تابعة للبيزنطيين، لكنهم خسروا بعض المناطق في البلقان مثل سالونيك وكوسوفو ومقدونيا. الا ان السلطان محمد الفاتح الذي اشتهر بلقب "قيصر الروم" استرجعها لاحقا وضم اجزاء من شبه الجزيرة الايطالية الى مملكته.

وفي عهد السلطان العثماني سليمان القانوني احتل العثمانيون بلغراد والمجر ووصلت جيوشهم لتحاصر مدينة فيينا النمساوية.

وفي عام 1535 احتل العثمانيون مدينة بغداد، لتزيد سيطرتهم في بلاد ما بين النهرين، ويصبح لديهم مدخلا بحريا على الخليج الفارسي.

سيطر العثمانيون على معظم بلاد حوض البحر الابيض المتوسط، وحققوا انتصارات عديدة على الاساطيل التابعة لاوروبا الغربية وخاصة في تونس والجزائر، واستطاعوا تحرير المسلمين واليهود من القبضة المسيحية في اسبانيا وسالونيكا وقبرص.

احتل السلطان سليمان القانوني مدينة القدس التي شهدت في عهده ازدهارا وتطورا، وأعيد بناء الاسوار حول المدينة العتيقة كما أصبحت القدس عاصمة فلسطين.

 

يتبع .......

 

الموسم - حصرياً

 

الظاهر بيبرس

  • Wix Facebook page
  • Wix Twitter page
  • Wix Google+ page

We dig deep in the news to uncover the roots

All Rights Reserved© Al Mawsam

bottom of page