top of page

داغش دغاش طافش طفاش حيص بيص

 

ماذا يعني هذا العنوان؟

لا اعرف انما هو بيت من قصيدة لشاعر مغمور عاش في لبنان وبقال انه كان مجنونا يدور في شوارع القرى والمدن يشكو ما وصل اليه من فقر وضيق وانعدام الامن والطمأنينة.

ثم "ففشّ خلقه" بقصيدة "عنجهية" ليعبر عن سوء حاله واحواله لكنه خلط فيها بين العامية والفصحى، وقد جاء في مطلعها:

ما بين حظّو وبين نحسو مدافشي        

ومعافشي ومناتشي ومناهشي

بيقضّي الحياة مهابشي بمهابشي         

متضايقا من نفسه ومُضايقِي

 

يجوز أن معظم المفردات التي وردت في قصيدة هذا الشاعر ليس لها معنى، وهي بالتأكيد غير مفهومة ولا واضحة، ولكن الغريب العجيب أنك اذا قرأت هذه الابيات، فمن المؤكد أنك ستفهم المعنى الذي بقلب الشاعر، وستتفاعل مع خوالجه وأحاسيسه ومشاعره.

 

المضحك المبكي، أن ذلك الانسان اختصر في تلك "القصيدة" المعاناة المستمرة، وفلسف في جملتين أو ثلاث، الوضع المزري الذي وصل اليه الانسان في الوطن العربي.

 

فإذا كنّا لا نؤمن بمبدأ الحظ في الحياة، فلا نستطيع ان ننكر انّ المعاناة التي يتكلم عنها "صاحبنا"، ما تزال تنطبق على مجتمعاتنا وبلادنا اليوم، وبالأخص في ظل هذا الغليان السياسي والامني والاقتصادي الذي "ينهش" العالم من أقصاه الى أقصاه.

 

ولأن القدر شاء ان تكون منطقتنا العربية في وسط هذا العالم، فتتلقّى الضربات شرقا وغربا، وشمالا وجنوبا، فلزم على ابناء هذه المنطقة أن يقضّوا حياتهم "مهابشي بمهابشي" حسب قول الشاعر "المجنون". 

 

ونرى أولياء الأمور بمشارق الارض ومغاربها في "حيص بيص" لا يكادون يخلصون من مشكلة هم مكروا لها حتى يجابهوا مشكلة أخرى هم ايضا مكروا لها. فمن الانهيار الاقتصادي والمالي الى الانهيار السياسي والامني والارهاب المحلي، الى ما وصلنا اليه من فورة فتنوية مجنونة يمكنها ان لم تُلجم اكل البشر والحجر وقد بدأت بذلك.

 

تتسائلون ما معنى "حيص بيص" ... أنا لا أعلم.. ولكن لنقرأ معا بقية القصيدة

 

نارو عسيس مدّخني وخبزو عويــص         

لا لقمتو تشّـت ولا فكـّت مغيـص

داغش دغاش طافش طفاش حيص بيص      

وميّتـو معوكرا مــش رايقـــي

 

عايش لوحدو فحل يشكي من الظمــا          

مشحتف ع مين يحكّ ضهرو لو اندما

موحوح ع كلمة تاع لنّو بالومــــا              

شي لايقا ينقال شي مش لايقـــي

 

أظن أن المعنى قد وضح...

 

سامي الشرقاوي

 

We dig deep in the news to uncover the roots

All Rights Reserved© Al Mawsam

bottom of page