top of page

الشربوكة الاميركية شربكت اميركا نفسها !

 

 

 

لقد نجحت اسرائيل بتحويل نقطة الارتكاز في الشرق الاوسط من القضية الفلسطينية والضغط على اسرائيل من اجل ايجاد سلام عادل وشامل في الشرق الاوسط، الى قضية عرقية طائفية مذهبية بامتياز. 

وصار الضغط  يرتكز على الشعوب العربية بكل اعراقها وطوائفها بشكل عام وعلى الطائفة الاسلامية في المنطقة بشكل خاص، وبدأ الكلام والتنظير في السابق يتحول اليوم الى خطر داهم على الارض من فتنة كبرى بين الطوائف يراد منها ان تنتج تغييرات ديموغرافية شاملة فيها.

 

ولولا العدوان الخير على غزة لم نكن لنسمع وسط ما يجري في البلاد العربية من احداث، اي ذكر لحل القضية الفلسطينية وانهاء الاحتلال الاسرائيلي على الاقل للاراضي العربية ما قبل 1967، ولم تعد على ما يبدو مسألة القدس العربية تشغل بال الحكام في الدول العربية.

ونكاد نتخيّل ان ما جرى في غزة هو جزء لا يتجزأ مما يخطط في المنطقة لجر شعوب المنطقة والشعب الفلسطسني بكامله الى معاهدة سلام مع اسرائيل!

 

نجحت اسرائيل ومن ورائها من دول الغرب، في تأليب الدول العربية والاسلامية على بعضها البعض، وتأجيج الصراعات والنعرات العرقية والطائفية والمذهبية بين شعوب هذه الدول، والتي سقطت وبشكل مخجل في اتون هذه اللعبة اللعينة التي قد تؤدي الى خراب شامل للديار، وتُرجع المنطقة الى عصور كان المحتل الغربي وشريكه الصهيوني ينعمان فيها بسلطة التحكم بالعباد وارزاقهم.

 

ليس من باب التكهن ان اميركا واسرائيل وبمشاركة دول الغرب مهّدت لهذه اللعبة، وموّلت ودرّبت ادواتها، بعد أن وجدت أو بالاحرى اوجدت الفرصة المناسبة لذلك عند احداث 11 سبتمبر ايلول، على تأجيج النعرات العرقية المذهبية، والدليل ان اميركا انسحبت من العراق بعد ان تركت فيه عصابات مذهبية تتحكم به، وبقت في افغانستان لتشرف من هناك على نجاح خطتها. وللأسف وجدا في شعوب المنطقة فرقا يتبعونهم وينفذون مخططاتهم "على العمياني" اما جهلا او تعصبا او طمعا او لاي سبب آخر يجعل ضعفاء النفوس ينفذون مصالح الغرب على مصالح اوطانهم دون تردد ودون ان يخجل جبينهم او ترف اعينهم.

 

ونجحت اسرائيل واميركا ومن ورائهما من الامم باضعاف حزب الله سياسيا في لبنان ولو ان الصورة تقول غير ذلك، بمعنى سيطرته السياسية على الحكومة اللبنانية وقرارها. الا ان الواقع الحقيقي هو كما قال امين عام الحزب، ان الخلافات داخل الحكومية اللبنانية تؤكد ان حزب الله لا يسيطر عليها، او بالاحرى لا يستطيع ان يسيطر عليها.

وبعد ان ازدادت القوة العسكرية لحزب الله اضعافا مضاعفة، خصوصا بعد حرب تموز عام 2006، وثباته في وجه الهجمة الاسرائيلية. وجد نفسه فجأة مجبرا على زج قواته في سوريا ليتحول تدريجا الى مدافع عن شيعة المنطقة الى ان رأى تفسه ايضا فجأة يواجه قوة لا يستهان بها في سوريا ولبنان تدّعي انها تقاتل من اجل حماية السنة في العراق وسوريا حتى صارت المعارك وجها لوجه في لبنان.

وبطبيعة الحال، فإن ايران ودول الخليج العربي تبادلوا الاتهامات عن دعم الميليشيات المذهبية والسنية. وفي هذا جزء كبير من الحقيقة الا ان الحقيقة الكاملة هي ان الولايات المتحدة واسرائيل ودول الغرب هم الداعم الاكبر لتلك الميليشيات، والدليل مصر.

 

فبعد انهيار العراق وسوريا وليبيا واليمن في صراع مذهبي نما التطرف الاسلامي السني الى ان سيطر تنظيم داعش المنشق او المتدرج من تنظيم القاعدة. وكان الاخوان المسلمون في مصر قد احكموا في ذلك الوقت سيطرتهم على الرئاسة والبرلمان والحكومة بدعم مباشر من الولايات المتحدة الاميركية. غير انهم تسرّعوا في الاجراءات لتغيير لون مصر، مما حذى بالجيش المصري بقلب المعادلة واخراج الاخوان منها . 

ولم تستطع الولايات المتحدة ان تخفي حنقها وغضبها من الرئيس السيسي فاتهمته باغتيال الديمقراطية في مصر وحاولت بشتى السبل والوسائل بما فيها منع الاعانات الاقتصادية والعسكرية لكي تضغط على السيسي لتغيير موقفه ورد الاخوان الى السلطة، غير ان الرجل مضى في طريقه الى ان انتحب رئيسا لجمهورية مصر العربية واصبح رقما صعبا في اللعبة الشرق اوسطية.

هذا الكلام اكده اليوم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي قال ان الشعب المصري جاهد بحق من اجل عدم السماح للتطرف بحكم مصر الامر الذي لم يعجب اميركا التي لا تزال تضع ما يمكن من العراقيل لخربطة الامور هناك. 

وما ضرب الارهاب والتطرف في سيناء للجيش المصري الا ضربا من ضروب المكر والكيد لمصر واهلها، لانه لا يمكن ان يتم دون معرفة اسرائيل واميركا الذين يستطيعون بتقنياتهم مراقبة اوكار النمل في العالم فما بالك باوكار الجماعات الارهابية في سيناء المجاورة لاسرائيل؟

 

يقول الرئيس الروسي "يخيل أحيانا أن شركائنا وزملائنا (في الغرب) بشكل مستمر يكافحون نتائج سياساتهم، ويرمون بقوتهم للتخلص من أخطار يصنعونها بأنفسهم، ويدفعون من أجل ذلك أثمانا متصاعدة".

 

 ويشدد على أن هناك من يحاول تقسيم العالم، وتكوين صورة نمطية للعدو، مضيفا "لا يهم من سيأخذ مكان الاتحاد السوفيتي في الدعاية الأمريكية كمنافس رئيس.. إيران كدولة تطمح للتقنية النووية، الصين كأول اقتصاد في العالم أو روسيا باعتبارها دولة عظمى نووية".

 

 كما يقول بوتين وهو على حق في قوله إن العالم يشهد من جديد محاولات رسم خطوط فاصلة على الارض، وتكوين ائتلافات ليس من مبدأ الـ"مع"، بل من مبدأ الـ"ضد" لمواجهة أي طرف كان، ويتابع "من جديد يتم تكوين صورة للعدو كما كان ذلك في سنوات الحرب الباردة، والحصول على حق زعامة، وإذا أردتم، الحق في فرض الإملاءات".

 

انتقد الرئيس الروسي محاولات الهيمنة الجارية حاليا في العالم، مشيرا إلى أن "تدابير التأثير على العُصاة معروفة جيدا، وجُربت مرات عديدة، منها استخدام القوة، الضغط الاقتصادي والدعائي، التدخل في الشؤون الداخلية، والتماس الشرعية خارج القانون، وإذا استلزم الأمر يجري تبرئة تسويات غير قانونية لهذا أو ذاك النزاع، والتخلص من الأنظمة غير المرغوب بها".

 

الشربوكة السياسية الطائفية المذهبية في الشرق الاوسط التي اوجدتها الولايات المتحدة من خلال خلق فوضى خلاقة تشربكت الى درجة ان اميركا ومعها اسرائيل والغرب بدئوا البحث عن طرق فك عقدها. 

هذه الشربوكة شربكت الدول الاقليمية. 

وشربكت ايضا الدول الاخرى بدليل ما يحصل من مد وجذر بين المحور الشرقي المتمثل بالصين وروسيا والمحور الغربي المتمثل باميركا واوروبا.

الحل ربما يكمن في غلطة ما من فريق ما تعيد رسم الادوار وتهدئة الامور وانتظار فرصة اخرى اذا سنحت!!!

الموسم

 

  • Wix Facebook page
  • Wix Twitter page
  • Wix Google+ page

We dig deep in the news to uncover the roots

All Rights Reserved© Al Mawsam

bottom of page