top of page

اللعبة الطائشة للاميركان في الشرق الاوسط

 

 

 

 

تلعب اميركا في منطقة الشرق الاوسط كما يلعب الصبي المتهور بألعاب نارية لا يقدّر مدى خطورتها حتى على نفسه.

لا أحد الى الآن يفهم استراتيجية اميركا بمحاربة داعش، غير انه يبدو ان هذه الاستراتيجية لها هدف واحد فقط وهو ابقاء النار مشتعلة في الشرق الاوسط لخلط الاوراق تحت الضغط المرعب لداعش.

لكن ما هي هذه الاوراق التي تريد الولايات المتحدة خلطها؟ يبدو انه حتى الادارية الاميركية نفسها لا تعرف جوابا لهذا السؤال. فبدل خلط الاوراق اختلطت الامور عليها وما عادت تعرف الصواب من الخطأ في ادارة الازمة، وربما هذا ما يجعل المقيم في البيت الابيض يتردد باتخاذ القرارات المناسبة!

حتى قرار اوباما الاخير بضرب داعش مع حزمة دول من الحلفاء من بينهم حلفاء عرب وجد طريقة لاهانتهم على لسان نائب الرئيس بايدن الذي اتهم العرب وتركيا بايواء وتسليح وتمويل المنظمات الارهابية بما فيها داعش!

 

فبعد ان نجحت اميركا باستقطاب السعودية وقطر والامارات والاردن والبحرين بالانضمام الى التحالف الذي تقوده لمواجهة داعش ومشاركة تلك الدول فعليا بشن غارات على مواقع هذا التنظيم، يظهر نائب الرئيس الاميركي فجأة ليوجه اتهامات علنية الى هذه الدول وايضا تركيا بانها كانت تعمل على تسريب الاسلحة وغيرها من المساعدات الى المتمردين السوريين والتي انتهى الامر بها الى الوقوع بايدي جبهة النصرة وغيرها من الجماعات المتشددة. 

ففي مداخلة له في كلية جون كينيدي بجامعة هارفرد قال ان أكبر المشكلات التي واجهتها الولايات المتحدة الأميركية في التعامل مع سوريا وتصاعد تنظيم «داعش» كانت مع حلفاء أميركا في المنطقة.

وبرغم ان بايدن اعتذر جهارة منن تلك الدول الا ان الخبراء بسياسات الشرق الاوسط يرون ان توقيت تلميحات بايدن كان حرجا للغاية ويظهر هشاشة التحالف الذي يسعى الرئيس الاميركي الى تكوينه لمواجهة داعش.

 

ثم اعلنت اميركا ان سقوط مدينة كوباني الكردية السورية بأيدي داعش او عدم سقوطها ليس بأولية لديها في مهام التحالف الاخير، وهذا الكلام يعني ان هناك اولويات اخرى لم تفصح عنها بعد. بينما تعتبر طهران بحسب المتحدثة باسم الخارجية الايرانية أن التحالف الاميركي لمحاربة داعش اطلق يد الاخير في المنطقة وأعانه على ارتكاب المزيد من الجرائم.

 

حتى الأن لم تحقق الغارات الجوية المكثفة على مقار وقواعد ومراكز وخطوط امدادات داعش اية نتيجة مباشرة على الارض بل على عكس ذلك فقد كانت النتيجة ان داعش نجح الى الآن باحراز تقدم على الارض في مختلف جبهات القتال على الحدود العراقية والتركية والسورية واستطاع الوصول الى داخل مدينة كوباني وخوض معارك بالسلاح الابيض مع الاكراد الذين يدافعون عن مدينتهم بدون اي دعم مباشر من اي من دول التحالف ولا الدول الغير متحالفة، فكلهم يقفون موقف المراقبة عن بعد ويزايدون بمواقف سياسية عامة لا تنفع اهالي المدينة لحماية مدينتهم من السقوط.

سقوط كوباني بيد داعش يعني ان هذا التنظيم قد نجح بتأمين خطوط امدادات آمنة من العراق الى الشام وتحديد منطقة جغرافية في قلب المنطقة تتخام تركيا وايران والعراق وسوريا وهو يسعى الى مد هذه المنطقة لتصل الى السلسلة الشرقية لجبال لبنان ويربطها ايضا مع الجولان على الحدود الاسرائيلة لفلسطين المحتلة. 

وهنا يلاحظ ان اسرائيل يبدو وكأنها لا تمانع بذلك، بحكم تصرفاتها الميدانية الاخيرة التي ساعدت التنظيمات المتشددة بالسيطرة على الحدود الفاصلة بين سوريا وفلسطين المحتلة بما فيها مدينة القنيطرة.

واذا افترضنا ان اسرائيل لا تمانع يتمركز المتشددين السنة على الحدود المقابلة فلا بد ان هذا الافتراض يقود الى افتراض عدم ممانعة اميركية! 

فهل هذا صحيح وماذا تجني اميركا واسرائيل من ايجاد منطقة للمتشددين السنة في هذه البقعة الجغرافية؟

ربما تعتقد اميركا انه لا مانع من ايجاد هذا الخطر الداهم للضغط على ايران ودول الخليج معا للابتزاز السياسي، ولذلك فهي تمهد للاعلان ان محاربة داعش يلزمها عقود من الزمن لدحره وتدميره! 

وربما تعتقد اسرائيل ان داعش ومن معه من الاسلاميين المتشددين سيكون شغلهم الشاغل في باديء الامر محاربة ايران ودول الخليج لان قتال اسرائيل ليس من اولوياتهم! فترتاح من خطر حزب الله على حدودها الشمالية لان الحزب الشيعي سيبقى منشغلا بمحاربة التنظيمات السنية المتشددة.

قد يكون هذا الاعتقاد الاميركي الاسرائيلي مصيبا نظريا الى حد ما، الا ان سؤالان يقفزان تلقائيا. 

اليست هذه التجربة كتجربة طالبان في افغانستان؟ 

فبعد دعم الاميركان لطرد الاستعمار السوفياتي تركزّت الحركة لتصبح العدو الاول لاميركا ومنطلق تنظيم القاعدة الذي نجح بهجوم ارهابي داخل الولايات المتحدة وقتل ما لا يقل عن 4000 شخص في يوم واحد بعدة مدن اميريكية؟

ثم اليست هذه تجربة الاميركان في العراق حين غزته لاسقاط صدام حسين ونظامه وتقوية نظام شيعي تابع لايران الغى المشاركة السنية الامر الذي تنظيم القاعدة يتغلغل في العراق ويلقى ملاذا له بين بعض العشائر السنية وحصلت الفوضى بجلاء الجيش الاميركي واستفحلت الامور حتى وصلت الى ما هي عليه اليوم؟ 

 

في العقدين السابقين حكم اميركا رئيسان مختلفان في الاطباع لكن كلاهما قطّع اوصال المنطقة وان بطرق مختلفة: 

فالاول كان مغامرا غبيا انزل جيوشه ليخلق تنظيما اسلاميا متطرفا يعبث بأمن المنطقة

والثاني ضعيفا مترددا سحب جيوشه ليخلق تنظيما متطرفا اشد يهدد المنطقة والعالم بأسره؟

 

والتنظيمان يهددان امن الولايات المتحدة الاميركية نفسها عدا عن امن اوروبا

وبالحديث عن اوروبا فماذا يا ترى رأي بلدان هذه القارة العجوز بكل ما يحصل؟ ام انها انقادت بسبب ضعفها بشكل اعمى وراء التهور الاميركي؟ 

الموسم 

 

 

We dig deep in the news to uncover the roots

All Rights Reserved© Al Mawsam

bottom of page