باعونا بنفس أرجيلة
رغب أحدهم بالزواج، فطلب من والدته أن تبحث له عن عروس بنت حلال.
فنشطت الأم تبحث عن "كنّة"، ودخلت فيما دخلت من البيوت، بيتا يحسن أهله استقبال الخاطبات.
وتولّت المرشّحة للزواج في ذلك البيت، تحضير نفس تنباك للسيدة التي تريد عروسا لابنها، بعد أن علمت أنها "شرّيبة أرجيلة" عريقة.
فأخذت تتفنّن في اعداد التنباك، فتدعكه دعكا، وتخبطه خبطا يصل الى مسامع الخاطبة، التي انشرح صدرها وسال لعابها وأضمرت بينها وبين نفسها، انّ هذه الفتاة تصلح فعلا عروسا لابنها و كنّة لها.
عادت الام الى ابنها وهي تحكي وتستريح عن العروس التي اختارتها له:
شيء يعجز عنه الوصف، أرض البيت بيضاء مثل الثلج...
زجاج الشبابيك يبرق برقا....
البلاط مثل المرايات من شدة النظافة ....
اللسان أحلى من القطر ...
والبنت مثل النعجة لها فم يأكل لا يحكي ....
والقوام معدول ومصقول وطري مثل العجينة ....
ويا إبني الطير المربّى غالي.
"طنطن" الخبر في البلد، أنّ فلانا سيتزوج فلانة، فسمع صديق للعريس بالخبر، وكان يعرف الفتاة معرفة جيدة، وراح الى صديقه يصفها له وصفا يختلف كليا عن الوصف التي وصفته امّه له...
ذهب الابن الى امه وعاتبها قائلا:
أفلانة سوداء داكنة؟
يا إبني البياض على الحيطان.
وحولاء؟
يا ابني هذه حولة الحسن.
وعرجاء؟
تمشي مشية الغنج.
بدينة وقصيرة مثل "مدقّة الكبة"؟
بارك الله في طولك .. طولك يكفي.
فما كان من الابن إلا أن قال لأمه: بيظهر يا أمّي أنك بعتيني " بنفس تنباك" .
أتسائل مع هذه القصة،، ما هو ثمن الشعوب؟ وكيف تباع وتشرى؟
ومن له حق المتاجرة بها؟.
وما هو الثمن الحقيقي للسلم، وكيف هو سعره في السوق المحلية والعالمية؟.
وهل أن من حق اللاعبين الامميين تقسيم الأراضي وفرز الشعوب؟
بعد أن أدخلوا علينا "العروس الاسرائيلية" التي قعدت واستحكمت واخذت راحتها بقضم فلسطين واراضي مجاورة، وطرد الشعوب وقتل الناس وازهاق ارواح الاطفال، ها هم الآن يدخلون علينا "عروسا" من نوع آخر، شمطاء خرقاء مجرمة، ظهرت فجأة داخل ارضنا بهمروجة اعلامية غير مسبوقة وقتل وسبي وفجور لا عهد لنا به منذ الجاهلية والفتنة الكبرى. قتلت الكقير وشردت الكثير وحللت وحرمت كما تريد وامعنت في تقسيم المناطق وفرز السكان.
من يقول ان تنظبم داعش ليس جزءا من لعبة الامم مخطيء حد البله. اذ لا يمكن ان يوجد هكذا تنظيم "مافيوي" بهذه القوة وهذه النوعية من السلاح وكثرة العدة والعدد والعديد الا بمساعدة دول ان لم تكن كبرى فهي بالقطع دولا غنية تملك الامكانيات المادية والنفوذ السياسي لتنفيذ ما تريد تنفيذه.
فكيف يا ترى سينتهي الامر؟ ونحن نرى خجل القوى العظمى في رد هؤلاء وضعف دول الاقليم في الردع والتأثير الاعلامي بنشر الفتنو الطائفية والمذهبية بسرعة البرق!!
فهل نرضى بهذا الواقع ونقبل ان نباع ونشرى، أم نقف وقفات وقفها زعماء سابقون مرّوا في تارخ نضالنا العربي، قلبوا المطابخ على طباخيها، فوقفت معهم أوطانهم وكلّ الأمة العربية فنقف مثلهم حتى التحرير الكامل؟!.
سامي الشرقاوي