اعلنت المنظمة العربية للسياحة العربية مدينة جبيل اللبنانبة عاصمة للسياحة العربية لعام 2016. وذلك بعد ان استوفت المعايير والشروط البيئية والثقافية اضافة الى مشاريع البنى التحتية والمشاريع التي نفذّت والتي في طور التنفيذ اقتصادياً وإنمائيّاً وبيئياً ورياضياً وفي كل الميادين.
وجبيل هي مدينة الابجدية بعد ان استوحى الفينيقيون نظاما يربط بين الهيروغليفية المصرية والمسمارية الرافدية وابتكروا حروفا لكتابة لغتهم باشارات مسمارية وهذه الكتابة الفينيقية
تشكل أصل الابجديات المعاصرة.
المدينة والتاريخ
شيّدت مدينة جبيل منذ حوالي 7000 وكانت محطة لصيادين الاسماك. ثم ارتقت إلى مصاف المدن أواخر الألف الرابع ق.م.، فأصبح لها شوارعها وساحاتها ومبانيها العامة وأسوارها، ومدينة لها شخصيتها الخاصة واستقلالها ووجودها السياسي.
اعتبرت، خلال الألفي سنة الأولى من عمرها، حاضرة الكنعانيين الدينية الأولى.
وما ان حلت بدايات الألف الثالث ق.م.، حتى شهدت جبيل ازدهاراً كبيراً بفضل تجارة الأخشاب التي كانت تصدرها إلى أنحاء المتوسط الشرقي، ولا سيما إلى مصر. وكانت جبيل تحصل مقابل أخشابها على الأواني والحلي المصرية المصنوعة من الذهب والمرمر، بالإضافة إلى لفائف البردي ونسيج الكتان.
في نهايات الألف الثالث ق.م. تعرّضت جبيل إلى الغزو والحريق من قبل بعض القبائل الأموريّة. وما أن تخلى القادمون الجدد عن بداوتهم واستقروا حتى أعادوا إعمار المدينة كما أعادوا التواصل التجاري مع مصر إلى سابق عهده. وجدير بالذكر أن مدافن جبيل الملكيّة التي أبرزت الحفريات مدى ثرائها تعود بمجملها إلى تلك الفترة، مما يُشير إلى الازدهار الذي حققته جبيل في ظلّ الحكم الأموري.
وما أن أشرف الألف الثاني على الانتهاء حتى اجتاحت المتوسط الشرقي جماعات اطلق عليها المؤرخون اسم "شعوب البحر". فاستقرت أعداد منها على سواحل بلاد كنعان الجنوبية، ويبدو أن القادمين الجدد كانوا في أساس نشر المعارف البحريّة والملاحة بين شعوب المنطقة التي أطلق عليها في ما بعد اسم فينيقيا.
وعلى الرغم من الاجتياحات المتكررة التي شهدها الساحل الفينيقي على أيدي الأشوريين والبابليين والفرس، ظلت تجارة جبيل تؤمن لأهلها نوعاً من الاستقرار والازدهار. وقد عُثر في حفريات المدينة على بقايا تعود إلى تلك الحقبة.
على أثر فتوحات الإسكندر الكبير، وفي أثناء الفترة المتأغرقة التي تلتها (330-64 ق.م.)، تأغرقت جبيل كما تأغرقت سائر مدن المنطقة، وأصبحت اللغة والثقافة الإغريقيتين مُثلاً تحتذي بها طبقات المجتمع العليا، وذلك حتى ما بعد سيطرة الرومان عليها.
أواخر الثلث الأول من القرن الرابع قبل الميلاد (سنة 333 ق.م. تاريخ معركة ايسوس)، أدّى احتلال اليونانيين، بقيادة الاسكندر الكبير، لكل الشرق الأدنى القديم، وتزاوج وتأقلم الحضارة اليونانية الهلينستية Hellénistique مع حضارات وثقافات المناطق المحتلة، إلى حالة جديدة غير مسبوقة في هذا العالم المتحضّر الممتدّ من اليونان غرباً إلى فارس شرقاً وإلى مصر جنوباً.
وتختصر نتائج هذه الحالة بتكوّن عوامل مشتركة ثقافية واجتماعية واقتصادية وسياسية لكل ثقافات المناطق المُشار إليها؛ ففقدت جبيل مثلاً بعضاً من هويّتها الكنعانية الآسيوية لتكسب بعضاً من هويّة مشتركة، هي مزيج من هويّتها السابقة الراسخة في اللاوعي والضمير الجماعي ومن الهوية الهلنستية الجديدة الغنية جداً بالإنجازات الحضارية على كافة المستويات.
وفي أواسط القرن الأول ق.م.، احتلّ الرومان سواحل فينيقيا بقيادة "بومبيوس"، واستمرّوا في حكم البلاد فترة تزيد عن أربعة قرون ونصف القرن (64 ق.م.-395 ب.م.) وقد ازدانت جبيل في أيامهم بالمعابد والحمامات وسائر البُنى المدُنية كما شُقت فيها الشوارع ذات الأروقة
أما من الفترة البيزنطيّة (395-637)، فلم يبقَ في جبيل أثرٌ يُذكر. وقد يعود السبب في ذلك إلى استعمال أبنية تلك الفترة كمقالع لاستخراج الحجارة المقصوبة التي استُعملت في إنشاء عمائر الفترات اللاحقة.
وفي العصر العربي، بُعيد عام 637، كانت جبيل قد أصبحت مدينة صغيرة هادئة وقد أخذت أهميتها تتضاءل حتى بداية القرن الثاني عشر عندما سقطت في أيدي الصليبيين. فقد احتلها هؤلاء عام 1104، وحوّلوها عام 1109 إلى إقطاع وراثي تابع لكونتيّة طرابلس، عهدوا به إلى أسرة "أمبرياتشي" الجنويّة. وفي تلك الفترة أقيمت في جبيل قلعتها المشهورة التي تمّ بناؤها بحجارة ومواد تمّ اقتلاعها من عمائر المدينة العائدة إلى العصور السابقة.
الفتح العربي الإسلامي شكّل حدثاً خطيراً آخر لا يقلّ أهمية وعمقاً عن الذي سبقه بحوالي ألف سنة. مثل كثيرٍ من مدن الشاطئ الشرقي للمتوسّط، أكملت جبيل مسارها العادي كأحد الثغور المهمّة المشكّلة صلة وصل مع قوى غرب المتوسّط، ولعبت دوراً في العلاقة الجدلية فيما بين شرق المتوسّط المسلم وغربه المسيحي.
لم تخلُ هذه العلاقة من العنف المعتمَد لحلّ مشكلات الهيمنة والتبعية وتضارب المصالح وإرادة السيطرة وما شابه من الأسباب التي شكّلت محاور العلاقات فيما بين حضارة فتية تريد فرض سيطرتها على حيّز كبير من العالم القديم، وبين حضارة هرِمة ضرب التفسّخ فيها، فراحت تتفتت في انتظار بزوغ قوى جديدة من رحم حالة الانهيار تلك. وعلى مدى ثلاثة قرون ونيّف ساهمت جبيل في الصراع الدائر بين الامبراطورية العربية الإسلامية الشرقية الفتية المتمركِزة في دمشق ومن ثمّ في بغداد، وبين الامبراطورية البيزنطية المسيحية الهرمة المتمركِزة في القسطنطينية، فكانت مع مثيلاتها على شاطئ شرق المتوسّط جبهة قتال وتلاقٍ؛ فساهمت في بناء أول أسطول حربي عربيّ أمر به معاوية وساعدت في تسليحه وفي غزو قبرص واسترجاعها إلى عالمها المشرقي، كما وأنها، وبعد استتباب الأمر للدولة الفتية في حوض المتوسّط الشرقي، استرجعت دورها كميناء تجاري نشيط، صلة وصل وتبادل بين قوى شطآنه.
فتنظمت كإقطاعية بحرية صغيرة ضمن الدولة الإسلامية الفاطمية المتمركِزة في مصر، والتحقت سياسياً بإقطاعية طرابلس القوية، التي ازدهرت أواخر الألف الأول بعد الميلاد، خاصةً بإدارة قضاة بني عمّار. وعلى مدى أكثر من ثلاثة قرون ارتبط مصير مدينة جبيل بمصير مدينة طرابلس التي أكّدت هيمنتها كعاصمة إقليمية على البلاد الممتدّة من نهر الكلب جنوباً حتى طرطوس شمالاً. بقي الأمر كذلك في المرحلة الصليبية التي دامت حوالي قرنين من الزمن، أي من مطلع القرن الثاني عشر (حزيران 1098 تاريخ سقوط إنطاكيه بأيدي الصليبيين) حتى أواخر القرن الثالث عشر (آب 1291 تاريخ سقوط طرطوس بأيدي المماليك)؛ فقد ظلّت إقطاعية جبيل بزعامة أميرالات آل الأمبرياتشي الجَنَويين تابعة لإقطاعية طرابلس بزعامة كونتات آل تولوزالفرنسيين.
من مطلع القرن الرابع عشر وحتى منتصفه كانت جبيل جزءاً من الدولة الأيوبية المتمركِزة في القاهرة، وانتقلت إلى الدولة المملوكية بعد استلام المماليك السلطة في مصر، وظلت ترنو باتّجاه طرابلس، المدينة المستقطبة التي ازدانت في هذه المرحلة بمجموعة رائعة من الأعمال المعمارية، لا تزال فخراً لمدينة اليوم. لم يبقَ في مدينة جبيل آثار تُذكر من تلك المرحلة، ويبدو أنّ إهمال صيانة مرفئها أدّى إلى ضعفه وتراجعه، ولم تعد المدينة مركزاً تجارياً مهماً، فأصبحت قرية ساحلية كبيرة تعيش ببطء وسأم.
مطلع القرن السادس عشر وبعد معركة مرج دابق أصبحت جبيل جزءاً من الدولة العثمانية التي احتلّت المنطقة بأكملها بما فيها مصر. لكنها، وبعد حين، انتمت إلى إمارة جبل لبنان التي أسّسها الأمراء المعنيون ومركزوها في دير القمر، وظلت تحت الحكم العثماني من خلال نُظم القائمقاميتين والمتصرّفية حتى انهيار الدولة العثمانية على أثر خسارتها في الحرب العالمية الأولى.
بعد معاهدة سايكس- بيكو وإعلان دولة لبنان الكبير من قِبَل السلطات الفرنسية المنتدَبة أصبحت جبيل في الجمهورية اللبنانية، ومن أجمل مدن الشاطئ اللبناني.
بيبلوس، التي تحمل اسم جبيل حاليا، كانت معروفة سابقا تحت عدة مصطلحات: جِبَلْ، جُبْلى أو جُبَلْ. وقد أظهرت الحفريات الاثرية في فترة الانتداب الفرنسي أن هذا المركز سُكِنَ منذ عصور ما قبل التاريخ على ما لا يقل عن سبعة عشر مراحل رئيسية. وتعتبر جبيل من اقدم المدن المأهولة وبشكل دائم في العالم.
منذ العام ١٩٨٤، أُدْرِجَ هذا الموقع على التراث العالمي للبشرية من قبل منظمة اليونسكو.
تبعد جبيل حوالي 40 كلم عن بيروت عاصمة لبنان. وهي قائمة على منبسط سهلي صغير وترتفع أرضها ببطء نحو الشرق لكي تشكل مدرجا طبيعيا عملاقا للجبال المشرفة عليها.
مدينة جبيل تتميز باحتفاظها بآثارها القديمة التي تشير الى تاريخها القديم وتحولاتها السياسية والجغرافية على مر العصور.
من تلك الآثار أساسات المعبد الكبير، جزء من طريق رومانية، موقع عين الملك الذي يضم منبع المياه الرئيسي ضمن المدينة القديمة، إضافة إلى بقايا بيوت قديمة قبل الميلاد وأساسات بيوت أخرى، وبقايا القصر الكبير، وآذار مستوطنة بشرية من العصر الحجري، وآثار من الفترة الآمورية، وبقايا معبد "بعلة جبل"، بقايا الحصن القديم.
ويعتبر مرفأ جبيل وأبراجه من ضمن تلك الآثار التي طوّرت واستخدمت في العصر الحديث كذلك سوق جبيل القديم.
ومن اهم آثار مدينة جبيل معبد الأنصاب، والمدافن الملكية والمسرح الروماني وبقايا بواية المدينة وبقايا أسوار المدينة والقلعة البحرية والقلعة الصليبية والقلعة الفارسية.
وتمتاز المدينة بكنائسها الجميلة ككنيسة القديس يوحنا مرقس، وكنيسة سيدة النجاة، وكنيسة مار تقلا، وسيدة البوابة، وسيدة الميس، وسيدة الأم الفقيرة
كما تمتاز بمساجدها كمسجد السلطان عبد المجيد وهو مسجد أثري شيد في العهد الأيوبي على أنقاض مسجد بني في عهد الخلفاء الراشدين، ثم اعيد ترميمه في عهد العثمانيين. ومسجد السلطان عبد المجيد، ومسجد السلطان إبراهيم بن ادهم.
كما تضم جبيل عدداً من المتاحف التي تعنى بإبراز، آثار جبيل التاريخية، إضافة إلى متحاف تعنى بالحياة البحرية والمتحجرات، التي تشتهر فيها هذه المدينة.
لمدينة جبيل مدن عالمية شقيقة هي:
في اليونان: باتراس وتريبولي واسبارطة
في تركيا: ازمير وطروادة وفان
في مالطا : مالطا بلدة مالطة
في اسبانيا: مدينة قادس
في فرنسا: مدينة اورانج
الموسم
حقوق النشر محفوظة للناشر