أميركا وداعش ورائحة الثوم
بدأت رائحة الثوم تعبق من الاستراتيجية المزعومة للولايات المتحدة، ويكاد يشتمها كل من في منطقة الشرق الاوسط وكل من عينه على المنطقة.
وهنا أريد أن أذكّر بقصة الرجل الذي عينه على امرأة صديقه المسافر، فطرق بابها ذات ليلة وطلب منها أن تفتح له لأنه آت من طرف صديقه الذي حمّله لها السلام والكلام. فقالت له المرأة من وراء الباب: وصل السلام يا منظوم، لكن ريحة كلامك توم.
فما وراء هذه الاستراتيجية؟
الحقيقة لا احد يدري وربما الاميركان نفسهم لا يدرون بدليل ان معظم صناع القرار في اميركا يجهرون باستغرابهم من هذه الاستراتيجية التي لا يمكن ان توصا الى شيء ملموس بالنسبة لدحر داعش لا الآن ولا بعد فترة طويلة كما يزعم الرئيس الاميركي ومديرو بيته الابيض.
لذلك فقد بدأت تعبق رائحة الثوم من هذه الاستراتيجية المزعومة لانها لن نوصل الا الى ابقاء المنطقة في فوضى مدمّرة على الاقل لحين نهاية ولاية الرئيس اوباما الذي يبرهن كل يوم عن مدى ضعف شخصيته وتردده باتخاذ القرارات الحاسمة.
والحقيقة ايضا ان دول منطقة الشرق الاوسط بعربها وعجمها الحليفة والغير حليفة للولايات المتحدة تستغرب تصرفات الادارة الاميركية وترددها وعدم وضوحها.
اما الدول الحليفة فانها تبدي قلقها وتزمتها وامتعاضها بشكل واضح وجلي من المراوغة والجهل السياسي والادراة المترددة والقيادة العسكرية التي تلزم نفسها وحلفائها بقيود خانقة في مواجهة الارهاب عموما وتنظيم داعش خصوصا.
فقد الرامبو الاميركي تلك الهالة التي كانت تحيط به وتلقي الرعب بقلوب الاعداء وتجذب الحلفاء ببريقها ورقيها ومظهرها الانساني.
وبات الناس واثقين من ان اميركا هي سبب كل ما يحصل في منطقة الشرق الاوسط من خلافات بين الدول ومن اشعال الفتن المتنقلة وزرع بذور الارهاب كان ذلك عن عمد ام عن جهل فالنتيجة واحدة.
لم تعد الولايات المتحدة ملجأً ولا حكماً ولا حتى مستشارا. فالتاريخ يثبت كل يوم انها لا تدخل في امر من الامور الا وتفسده او تعرقله، بدليل قريب ان وقف اطلاق النار بين اسرائيل وغزة الشهر الماضي نجح لان الاميركان لم يكونوا وسطاء فيه، وكذلك الامر بالنسبة الى الصلح بين حماس والسلطة الفلسطينية الذي لم تتردد الادارة الاميركية من اعلان امتعاضها منه.
فإذا كان الاميركان لا يريدون ان يقضوا على الارهاب ويمنعون الدول التي تعاني منه من القضاء عليه!
فماذا يريدون؟
لماذا انتبهوا الآن ان جيوش المنطقة التي قاموا بتجهيزها غير مجهزة بالاسلحة المناسبة؟
الحقيقة ان الاستراتيجية الاميركية المعلنة للقضاء على تنظيم داعش وبسبب ضعف شخصية الرئيس الاميركي ليست الا استراتيجية تأجيل كي ينفّذ رئيس الولايات المتحدة المقبل ما لا يستطيع الرئيس الحالي تنفيذه!!
لذلك من الممكن ان يبقى تنظيم داعش يسيطر على اراض شاسعة من سوريا والعراق وربما لبنان اذا لم يتحرك العرب وتركيا وايران معا وبمعزل عن الولايات المتحدة للقضاء على هذا التنظيم.
وستبقى الحرب الاهلية في سوريا مستعرة!
وسيبقى العراق بلدا للفتنة المتحركة!
وستبقى ليبيا غارقة في فوضى مدمّرة!
وستبقى اليمن في حرب مذهبية مستعرة؟
وستبقى القيود على دول الخليج من اجل عدم مصالحة ايران!
وستبقى ايران تحت حصار اقتصادي حتى تستغني عن برنامجها النووي الذي يقلق اسرائيل!
وستبقى فلسطين تنتظر يوم مولدها وسيبقى اهلها تحت تهديد الالة العسكرية الاسرائيلية!
لكل هذا بدأت رائحة الثوم تعبق رمن استراتيجية اوباما!
سامي الشرقاوي