تأتي ذكرى نكبة فلسطين هذا العام والعرب والدول الاسلامية يفقدون الاهتمام بأهم قضية في العصر الحديث لانهم مشغولون بمشاكلهم الداخلية والاقليمية التي هي بالأصل نبعت جراء عدم جدّيتهم بحل هذه القضية الحساسة حتى بات نفس المصير الذي حلّ بفلسطين عام 1948 يقرع ابواب بلادهم ومدنهم وقصورهم وبلاطهم.
يجمع الفلسطينيين اليوم شقاء مطبق بغض النظر عن صمودهم البطولي بوجه الاعاصير التي تجتاحهم من الدولة العبرية بين حين وآخر.
كما يجمعهم تخبطهم في المؤامرات التي تحاك ضدهم من اعدائهم كما من اصدقائهم.
وهذه المؤامرات جعلتهم حتى يختلفون على طرح قضية الدولة الفلسطينية في الامم المتحدة التي كانت عصبة امم في يوم من الايام واصدرت قرارا بمحو دولة فلسطين العربية واقامة دولة اسرائيل العبرية مكانها.
المفارقة ان تأييد اقامة دولة فلسطين يأتي اليوم من خارج البيئة العربية والاسلامية أكثر مما يأتي من داخل هذه البيئة وأخر هذا التأييد وأهمه هو تأييد دولة الفاتيكان اذ توصّل الفاتيكان والفلسطينيون الى اتفاق مبدئي حول وضع الكنيسة الكاثوليكية وانشطتها في الاراضي الفلسطينية، ذاكرا فلسطين بالاسم كدولة موقعة على الاتفاق مع دولة الفاتيكان حسب بيان الكرسي الرسولي. وكان الفاتيكان استخدم للمرة الاولى عبارة "دولة فلسطين" 2013، على إثر قبول فلسطين كدولة بصفة مراقب في الامم المتحدة في تشرين الثاني 2012.
مضى 67 عاما على ازالة دولة فلسطين وكل ما يقام في بلادنا احياء خجول لهذه الذكرى في فلسطين المحتلة مصحوب بخطب رنانة ووعود يعرف من يطلقها انها غير مصانة وتفاخر وتباهي ببطولات يعرف من يرددها انها لن تجد لها صدى الا على المنابر والمساحات الصغيرة حولها، خصوصا ان الفلسطينيين اليوم يغوصون في بحور خلافات لا يعلم غير الله متى سيتمكنون من النجا منها ومن تداعياتها.
أما في باقي الدول العربية والاسلامية فغياب الذكرى يكاد يكون شاملا لأنهم مشغولون بحروبهم الداخلية والاقليمية، على نفوذ مذهب او طائفة او مصلحة سياسية او مصلحة حزبية او مصلحة شخصية حتى فاضت وطافت هذه المصالح التي يتنازعون عليها واغرقتهم في بحور من الدماء وقلة الحيلة وضعف الادراك.
للذكرى يوم النكبة مصطلح فلسطيني يبحث في المأساة الإنسانية المتعلقة بتشريد عدد كبير من الشعب الفلسطيني خارج دياره.
وهو الاسم الذي يطلقه الفلسطينيون على تهجيرهم وهدم معالم مجتمعهم السياسية والاقتصادية والحضارية عام 1948. تلك السنة التي طرد فيها الشعب الفلسطيني من بيته وأرضه وخسر وطنه لصالح، إقامة الدولة اليهودية- إسرائيل.
وهو يوم احتلال أراضي فلسطين من قبل الحركة الصهيونية، وطرد ما يربو على 750 ألف فلسطيني وتحويلهم إلى لاجئين.
وهو ذكرى عشرات المجازر والفظائع وأعمال النهب ضد الفلسطينيين، وهدم أكثر من 500 قرية وتدمير المدن الفلسطينية الرئيسية وتحويلها إلى مدن يهودية.
وهو يوم طرد معظم القبائل البدوية التي كانت تعيش في النقب ومحاولة تدمير الهوية الفلسطينية ومحو الأسماء الجغرافية العربية وتبديلها بأسماء عبرية.
هو يوم خطة الترانسفير (من الإنجليزية Transfer وتعني ترحيل) أو خطط ترحيل الفلسطينيين بواسطة مجموعة من العمليات والإجراءات التي قامت بها الميليشيات الصهيونية، ومن بعدها حكومة إسرائيل (وما زالت)، من أجل ترحيل أكبر عدد ممكن من السكان غير اليهود في أراضٍ تريد أن تضمها إلى الدولة الإسرائيلية (أو مضمومة سابقاً)، وذلك بهدف الحفاظ على يهودية الدولة الإسرائيلية.
في هذا اليوم أعلنت بريطانيا العظمى انهاء انتدابها على فلسطين واحالت المشكلة الفلسطينية إلى عصبة الامم، وفي 14 أيار / مايو 1948 انسحبت بريطانيا من فلسطين، وأعلنت المنظمة الصهيونية في نفس اليوم دولة إسرائيل على أكثر من الجزء المخصص لها في التقسيم من أرض فلسطين. ثم تابعت الدولة المغتصبة قضم الاجزاء المتبقية من الارض الفلسطينية الى ان اصبحت بحدودها القائمة اليوم.
والى اليوم ما زال الشعب الفلسطيني المنكوب يتخبط بالشتات في ارضه المحتلة ويتلقى الضربة تلو الضربة في كيانه ومجتمعه وكل وجوده من اعدائه ومن الذين من المفترض ان يكونوا اصدقائه ومتعاطفين معه.
الموسم